Saturday, October 30, 2010

المحكم و المتشابه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
استعن بالله ثم أجب عن الأسئلة التالية :
1- اذكر أرجح التعريفات للمحكم والمتشابه من وجهة نظرك مع بيان وجه الرجحان ؟
قبل أن نذكر أرجح التعريفات للمحكم و المتشابه لا بد علينا أن نذكر جميع الأقوال في تعريفاتهما كما تلي:
القول
المحكم
المتشابه
السادة الحنفية و الألوسي
الواضح الدلالة و الظاهر الذي لا يحتمل النسخ
الخفي الذي لا يدرك معناه عقلا ولا نقلا و هو استأثر الله تعالى بعلمه كقيام الساعة و الحروف المقطعة في أوائل السور
مختار عند أهل السنة
ما عرف المراد منه إما بالظهور و إما بالتأويل
ما استأثر الله تعالى بعلمه كوقت قيام الساعة و خروج الدجال و الحروف المقطعة في أوائل السور
ابن عباس و أكثر الأصوليين
لا يحتمل إلا وخها واحدا من التأويل
ما احتمل أوجها
الامام أحمد
ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان
لا يستقل بنفسه بل يحتاج إلى بيان: فتارة يبين بكذا و تارة بكذا لحصول الاختلاف في تأويله
إمام الحرمين
السديد النظم و الترتيب الذي يقضي الى إثارة المعنى المستقيم من غير مناف
لا يحيط العلم بمعناه المطلوب من حيث اللغة إلا أن تقترن به أمارة أو قرينة و يندرج المشترك في المتشابة بهذا المعنى
بعض المتأخرين و الطيبي
الواضح المعنى الذي لا يتطرق إليه إشكال مأخوذ من الإحكام وهو الإتقان
المتشابه فنقيضه و ينتظم المحكم على هذا ما كان نصا و ما كان ظاهرا و ينتظم المتشابه ما كان من الأسماء المشتركة و ما كان من الأفاظ الموهمة للتشبيه في حقه سبحان الله تعالى
عن عكرمة و قتادة و غيرها
الذي يعمل به يعنى قصر للمحكم على ما كان من قبيل الأعمال: أنه هو الواضح الذي يؤخذ بمعناه على التعيين
الذي يؤمن به يعني قصر للمتشابه على ما كان من قبيل العقائد: ما كان خفيا يجب الإيمان به دون تعيين لمعناه
لماذا الاختلاف؟ لأنه يرجع الى الاصطلاح أو يشبه الاصطلاح و لا مشاحة الاصطلاح و يرود الى قوله تعالى: ((وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُ ۥۤ إِلَّا ٱللَّهُ‌ۗ وَٱلرَّٲسِخُونَ فِى ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ۬ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَا))
و سبب الاختلاف هو مراد بالتأويل في قوله تعالى الى 3 أقوال كما تلي:
1. أن كلمة التأويل تطلق و يراد بها التفسير
دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ((اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل)) و قول ابن عباس: "أنا ممن يعلم تأويله"
قول مجاهد: " الراسخون في العلم يعلمون تأويله" و مراده به التفسير
2. أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول الخطاب يعني لا يعلمه الا الله ولهذا كان السلف يقولون : الاستواء معلوم و الكيف مجهول" يعني هو التأويل الذي انفرد الله بعامه وهو الحقيقة لا يعلمها إلا هو
((وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُ ۥۤ إِلَّا ٱللَّهُ‌ۗ وَٱلرَّٲسِخُونَ فِى ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ۬ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاو هنا تكون للاستئناف إذن "الراسخون" مبتدأ و "يقولون"
خبره.
)) و
و ذهب الى هذا القول : عائشة و ابن عباس و ابن مسعود و ابن عمر و أبي بن كعب و جابر بن عبد الله و أيضا مالك بن أنس و نافع و يعقوب و الكسائي و الأخفش و سعيد و و سهل بن محمد و عمر بن عبج العزيز و عروة بن الزبير و أبي عبيد و ابن جرير أبي إسحاق و ابن كيسان و السدي.
3. و هو اصطلاح من المتأخرين: أن التأويل هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح الى المعنى المرجوح
و أميل الى القول بأن الراسخون في العلم لا يعلمون التأويل يعني أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام و هذا لا يعلمه إلا الله تبارك الله و تعالى. لماذا؟ لأن هذا القول الراجح عند كثير من العلماء من الصحابة و التابعين و السلف الصالح و لقد أخرجه الشيخان و غيرهما عن عائشة قالت: (( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية <<هو الذي أنزل عليك الكتاب>> الى قوله تعالى <<أولوا الألباب>> قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم)) فأقول بأن : - المحكم هو ما عرف المراد منه إما بالظهور و إما بالتأويل و المتشابه هو ما استأثر الله تعالى بعلمه كوقت قيام الساعة و خروج الدجال و الحروف المقطعة في أوائل السور - كما أختر كثير من أهل السنة. والله أعلم
2- عرف العام واذكر أقسامه مع التمثيل ؟
العام لغة: من العمم و هو (1) عظم الخلق في الناس و غيرهم: و (2) الجسم التام
العام اصطلاحا: (1) اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد من غير حصر يعني يخرج أسماء الأعداد تدل على كثرة معينة محدودة. (2) اللفظ الدال على شيئين فصاعدا من غير حصر
و أقسام العام ثلاثة و هي:
نوع من العام
الأمثلة فيه
العام الذي لا يدجله التخصيص
((والله بكل شيء عليم)) و ((و لا يظلم ربك أحدا)) و ((حرمت عليكم أمهاتكم)) و ((والله على كل شيئ قدير)) و كلها العموم لا يمكن تخصيصه
العام الذي يدخله التخصيص – يمكن تخصيصه
1. ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)) فلفظ ((الناس)) عام خصص به بقوله ((من استطاع اليه سبيلا)).
2. ((كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف حقا على المتقين)) فلفظ ((أحدكم)) يفيد العموم و خصص بقوله ((إن ترك خيرا))
3. ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)) و لفظ ((المتلقات)) عام يشمل الحامل و غير الحامل و خصص بقوله تعالى ((وأولات الأحمال أخلهن أن يضعن حملهن))
العام المراد به الخصوص – ما دل لفظه على العموم و دلت القرينة على الخصوص
1. ((وإذا قيل آمنوا كما آمن الناس)) و المراد ب"الناس" هنا عبد الله بن سلام لأن الآية دعوة لليهود إلى أن يؤمن كما آمن عبد الله بن سلام.
2. ((أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)) و المراد بالناس هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
3. ((فنادته الملائكة وهو قائم يصلى في المحراب)) والمراد بالملائكة جبريل عليه السلام
3- مثل بمثالين لتخصيص القرآن الكريم بالسنة ، وتخصيص السنة بالقرآن الكريم ؟
كان التخصيص لابسنة قولا أو فعلا:
(1) كما في قول الله تعالى بعد أن عدد المحرمات من "النساء": ((و أحل لكم ما ورآء ذالكم)) و هذا تحليل باإطلاق أتى بعد ذكر المحرمات في الآية ولكن هذا التحليل مخصوص بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها)) حيث خص أربع نساء و هن: عمة الزوجة و خالتها و ابنة أخيها و أختها فهذا تخصيص بالسنة.
(2) و كذالك أيضا تخصيص السنة بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم مثل كما قول الله تعالى ((الزانية و الزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)) فهذا عام يشمل المحصن و غير المحصن لأن الله قال ((الزانية والزاني)) هكذا بإطلاق و لكن تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم المحصن و هذا فعل فعله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على أن المحصن له حكم آخر بخلاف حكم الزاني غير المحصن و مما هو جدير بالذكر هنا أن هناك آية كانت في كتاب الله ولكن نسخ معناها و بقي حكمها و هذه الآية كان دلالة على رجم الزاني المحصن.
وتخصيص السنة بالقرآن الكريم
(1) قول الرسو ل صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله)) هذا عام و لكن هذا العام مخصوص بقول الله تعالى ((حتى يعطوا الجزية))
(2) ما جاء في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الأوقات المكروهة فهذا النهي عام يشمل النوافل وقضاء الفرائض لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يصلي الإنسان في أوقات بعينها و هذه الأوقات كما جاءت في الحديث عند طلوع الشمس و عند غروبها و عند استوائها في كبد السماء يعني في وقت الظهيرة ولكن هذا النهي مخصوص بالقرآن الكريم فقد خص بقول الله تعالى ((حافظوا على الصلوات و الصلوات الوسطى)) و المحافظة على الصلوات تقتضي قضاء الفوائت في كل وقت حتى في أوقات النهي.
والله أعلم
الفقير و المحتاج
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري

No comments:

Post a Comment