Saturday, October 30, 2010

المحكم و المتشابه

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
استعن بالله ثم أجب عن الأسئلة التالية :
1- اذكر أرجح التعريفات للمحكم والمتشابه من وجهة نظرك مع بيان وجه الرجحان ؟
قبل أن نذكر أرجح التعريفات للمحكم و المتشابه لا بد علينا أن نذكر جميع الأقوال في تعريفاتهما كما تلي:
القول
المحكم
المتشابه
السادة الحنفية و الألوسي
الواضح الدلالة و الظاهر الذي لا يحتمل النسخ
الخفي الذي لا يدرك معناه عقلا ولا نقلا و هو استأثر الله تعالى بعلمه كقيام الساعة و الحروف المقطعة في أوائل السور
مختار عند أهل السنة
ما عرف المراد منه إما بالظهور و إما بالتأويل
ما استأثر الله تعالى بعلمه كوقت قيام الساعة و خروج الدجال و الحروف المقطعة في أوائل السور
ابن عباس و أكثر الأصوليين
لا يحتمل إلا وخها واحدا من التأويل
ما احتمل أوجها
الامام أحمد
ما استقل بنفسه ولم يحتج إلى بيان
لا يستقل بنفسه بل يحتاج إلى بيان: فتارة يبين بكذا و تارة بكذا لحصول الاختلاف في تأويله
إمام الحرمين
السديد النظم و الترتيب الذي يقضي الى إثارة المعنى المستقيم من غير مناف
لا يحيط العلم بمعناه المطلوب من حيث اللغة إلا أن تقترن به أمارة أو قرينة و يندرج المشترك في المتشابة بهذا المعنى
بعض المتأخرين و الطيبي
الواضح المعنى الذي لا يتطرق إليه إشكال مأخوذ من الإحكام وهو الإتقان
المتشابه فنقيضه و ينتظم المحكم على هذا ما كان نصا و ما كان ظاهرا و ينتظم المتشابه ما كان من الأسماء المشتركة و ما كان من الأفاظ الموهمة للتشبيه في حقه سبحان الله تعالى
عن عكرمة و قتادة و غيرها
الذي يعمل به يعنى قصر للمحكم على ما كان من قبيل الأعمال: أنه هو الواضح الذي يؤخذ بمعناه على التعيين
الذي يؤمن به يعني قصر للمتشابه على ما كان من قبيل العقائد: ما كان خفيا يجب الإيمان به دون تعيين لمعناه
لماذا الاختلاف؟ لأنه يرجع الى الاصطلاح أو يشبه الاصطلاح و لا مشاحة الاصطلاح و يرود الى قوله تعالى: ((وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُ ۥۤ إِلَّا ٱللَّهُ‌ۗ وَٱلرَّٲسِخُونَ فِى ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ۬ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَا))
و سبب الاختلاف هو مراد بالتأويل في قوله تعالى الى 3 أقوال كما تلي:
1. أن كلمة التأويل تطلق و يراد بها التفسير
دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم لابن عباس : ((اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل)) و قول ابن عباس: "أنا ممن يعلم تأويله"
قول مجاهد: " الراسخون في العلم يعلمون تأويله" و مراده به التفسير
2. أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول الخطاب يعني لا يعلمه الا الله ولهذا كان السلف يقولون : الاستواء معلوم و الكيف مجهول" يعني هو التأويل الذي انفرد الله بعامه وهو الحقيقة لا يعلمها إلا هو
((وَمَا يَعۡلَمُ تَأۡوِيلَهُ ۥۤ إِلَّا ٱللَّهُ‌ۗ وَٱلرَّٲسِخُونَ فِى ٱلۡعِلۡمِ يَقُولُونَ ءَامَنَّا بِهِۦ كُلٌّ۬ مِّنۡ عِندِ رَبِّنَاو هنا تكون للاستئناف إذن "الراسخون" مبتدأ و "يقولون"
خبره.
)) و
و ذهب الى هذا القول : عائشة و ابن عباس و ابن مسعود و ابن عمر و أبي بن كعب و جابر بن عبد الله و أيضا مالك بن أنس و نافع و يعقوب و الكسائي و الأخفش و سعيد و و سهل بن محمد و عمر بن عبج العزيز و عروة بن الزبير و أبي عبيد و ابن جرير أبي إسحاق و ابن كيسان و السدي.
3. و هو اصطلاح من المتأخرين: أن التأويل هو صرف اللفظ عن المعنى الراجح الى المعنى المرجوح
و أميل الى القول بأن الراسخون في العلم لا يعلمون التأويل يعني أن التأويل هو الحقيقة التي يؤول إليها الكلام و هذا لا يعلمه إلا الله تبارك الله و تعالى. لماذا؟ لأن هذا القول الراجح عند كثير من العلماء من الصحابة و التابعين و السلف الصالح و لقد أخرجه الشيخان و غيرهما عن عائشة قالت: (( تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية <<هو الذي أنزل عليك الكتاب>> الى قوله تعالى <<أولوا الألباب>> قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( فإذا رأيت الذين يتبعون ما تشابه منه فأولئك الذين سمى الله فاحذرهم)) فأقول بأن : - المحكم هو ما عرف المراد منه إما بالظهور و إما بالتأويل و المتشابه هو ما استأثر الله تعالى بعلمه كوقت قيام الساعة و خروج الدجال و الحروف المقطعة في أوائل السور - كما أختر كثير من أهل السنة. والله أعلم
2- عرف العام واذكر أقسامه مع التمثيل ؟
العام لغة: من العمم و هو (1) عظم الخلق في الناس و غيرهم: و (2) الجسم التام
العام اصطلاحا: (1) اللفظ المستغرق لجميع ما يصلح له بحسب وضع واحد من غير حصر يعني يخرج أسماء الأعداد تدل على كثرة معينة محدودة. (2) اللفظ الدال على شيئين فصاعدا من غير حصر
و أقسام العام ثلاثة و هي:
نوع من العام
الأمثلة فيه
العام الذي لا يدجله التخصيص
((والله بكل شيء عليم)) و ((و لا يظلم ربك أحدا)) و ((حرمت عليكم أمهاتكم)) و ((والله على كل شيئ قدير)) و كلها العموم لا يمكن تخصيصه
العام الذي يدخله التخصيص – يمكن تخصيصه
1. ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)) فلفظ ((الناس)) عام خصص به بقوله ((من استطاع اليه سبيلا)).
2. ((كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين و الأقربين بالمعروف حقا على المتقين)) فلفظ ((أحدكم)) يفيد العموم و خصص بقوله ((إن ترك خيرا))
3. ((والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء)) و لفظ ((المتلقات)) عام يشمل الحامل و غير الحامل و خصص بقوله تعالى ((وأولات الأحمال أخلهن أن يضعن حملهن))
العام المراد به الخصوص – ما دل لفظه على العموم و دلت القرينة على الخصوص
1. ((وإذا قيل آمنوا كما آمن الناس)) و المراد ب"الناس" هنا عبد الله بن سلام لأن الآية دعوة لليهود إلى أن يؤمن كما آمن عبد الله بن سلام.
2. ((أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله)) و المراد بالناس هنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
3. ((فنادته الملائكة وهو قائم يصلى في المحراب)) والمراد بالملائكة جبريل عليه السلام
3- مثل بمثالين لتخصيص القرآن الكريم بالسنة ، وتخصيص السنة بالقرآن الكريم ؟
كان التخصيص لابسنة قولا أو فعلا:
(1) كما في قول الله تعالى بعد أن عدد المحرمات من "النساء": ((و أحل لكم ما ورآء ذالكم)) و هذا تحليل باإطلاق أتى بعد ذكر المحرمات في الآية ولكن هذا التحليل مخصوص بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها)) حيث خص أربع نساء و هن: عمة الزوجة و خالتها و ابنة أخيها و أختها فهذا تخصيص بالسنة.
(2) و كذالك أيضا تخصيص السنة بفعل الرسول صلى الله عليه وسلم مثل كما قول الله تعالى ((الزانية و الزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة)) فهذا عام يشمل المحصن و غير المحصن لأن الله قال ((الزانية والزاني)) هكذا بإطلاق و لكن تواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجم المحصن و هذا فعل فعله صلى الله عليه وسلم فدل ذلك على أن المحصن له حكم آخر بخلاف حكم الزاني غير المحصن و مما هو جدير بالذكر هنا أن هناك آية كانت في كتاب الله ولكن نسخ معناها و بقي حكمها و هذه الآية كان دلالة على رجم الزاني المحصن.
وتخصيص السنة بالقرآن الكريم
(1) قول الرسو ل صلى الله عليه وسلم: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله الا الله)) هذا عام و لكن هذا العام مخصوص بقول الله تعالى ((حتى يعطوا الجزية))
(2) ما جاء في نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في الأوقات المكروهة فهذا النهي عام يشمل النوافل وقضاء الفرائض لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أن يصلي الإنسان في أوقات بعينها و هذه الأوقات كما جاءت في الحديث عند طلوع الشمس و عند غروبها و عند استوائها في كبد السماء يعني في وقت الظهيرة ولكن هذا النهي مخصوص بالقرآن الكريم فقد خص بقول الله تعالى ((حافظوا على الصلوات و الصلوات الوسطى)) و المحافظة على الصلوات تقتضي قضاء الفوائت في كل وقت حتى في أوقات النهي.
والله أعلم
الفقير و المحتاج
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري

الإيمان و البلاء

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
<< إن الإيمان ليس كلمة تقال باللسان وإلا لكان ألحن الناس بحجته أكثر إيمانا، ولكان الذين يقولون بأفواههم ما ليس في قلوبهم أظهرهم له فلابد إذن من البلاء الذي يكشف في عالم الواقع ماهو مكشوف في علم الله المغيب وليظهر الصبح لذي عينين ولكن هناك فرق بين البلاء العام والبلاء الخاص وبين قوي الإيمان وضعيفه . ناقش هذه القضية>>
قبل أن نبدأ لابد علينا أن نفهم بأن الموضوع و العنوان في هذه المنتدى واسع جدا و لا نستطيع أن نتحدث فيها تدقيقا. ولكن سأحول كما استطعت ان شآ الله
و علينا أن نفهم بأن لا يوجد شخص في هذه الدنيا، مهما كان، وبأي موقع حل، لم تصبه مصيبة، من مصائب الدنيا العديدة، أو لم يتجرع ألمها، ويشعر بثقل وقوعها عليه، مهما كان نوعها: صغيرة أم كبيرة، في النفس أو في الممتلكات، ولذا سمى بعضهم الدنيا بدار الاكدار، ومرتع المصائب ولكنها دار الابتلاء. فيبتلى الله الانسان في هذه الدنيا. و لماذا؟ وما حكمة فيها؟
أنواع البلاء
هناك أنواع من البلايا و يبتلى الله انسانا في بدنه مرة و في ماله يفقده مرة أخرى و في أهله أحيانا و في مجتمعه و الخ. المهم أن أنواع البلايا كثيرة جدا . هناك البلاء العام و البلاء الخاص. و قبل أن نتكلم فيها علينا أن نعرف بأن الله يبتلى كل انسان صغيرةً أو كبيرةً, فرديا أو مجتمعا, كبيرا أو صغيرا, زكورا أو أناثا ولكن هناك الفرق بين هل هذا البلاء عقابا أو هل هذا البلاء امتحانا.
و نعلم أن أصاب الله بعض بلاءٍ لأجل أيد الناس يعني حينما كثر الفساد و المنكر في الأرض فجعله الله سبابا لنزول البلاء و المصيبة و قال الله تعالى:
ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) [ الروم: 41 ]
و أحيانا نتيجة من هذا البلاء هو التوبة مما أصاب به فصار من الراجعين الى الله و الذاكرين و عائدين الى الايمان الصحيح.(( وَإِذۡ نَجَّيۡنَـٰڪُم مِّنۡ ءَالِ فِرۡعَوۡنَ يَسُومُونَكُمۡ سُوٓءَ ٱلۡعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبۡنَآءَكُمۡ وَيَسۡتَحۡيُونَ نِسَآءَكُمۡ‌ۚ وَفِى ذَٲلِكُم بَلَآءٌ۬ مِّن رَّبِّكُمۡ عَظِيمٌ۬ ))
و أحيانا نتيجته هو الهلاك التام على الطاغيين و العاصيين كما سأل زينب بنت جحش رضي الله عنها الرسول صلى الله عليه و سلم في البجاري: قلت يا رسول الله! أفنهلك و فينا الصالحين؟ قال: ((نعم إذا كثر الخبث)).
وللمسلمين البلاء هو الامتحان و الاختبار من الله و النتيجة منه هو الفلاح و الفوز و الزيادة في الايمان و التقوى.
العلاقة بين الايمان و البلاء
و الدنيا دار الابتلاء و الامتحان فعرفنا العلاقة بين الايمان و الكفر بها و عرفنا من الذي لا ينقض عهد الله تعالى.
قال الله تعالى:
((ٱلَّذِى خَلَقَ ٱلۡمَوۡتَ وَٱلۡحَيَوٰةَ لِيَبۡلُوَكُمۡ أَيُّكُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلاً۬‌ۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡغَفُورُ))
((وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَىۡءٍ۬ مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡصٍ۬ مِّنَ ٱلۡأَمۡوَٲلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَٲتِ‌ۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِينَ ))
((وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَـٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّـٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ ))
و من هذه الآيات عرفنا أن البلاء هو آلة الامتحان للمؤمنين ولعلى الله جعلنا من الناجحين في هذا الامتحان.
و أيضا لا بد أن نعرف بأن البلاء ليس فقد النقص في الأموال و الأهل و غير ذلك بل أحيانا الزيادة في الأموال و الأهل و غير ذلك أيضا من البلايا. و كم من الناس ينسى الله لزيادتها فأصبحت هذه الأشياء فتنة لانسان. و قال : (( ٱلۡمَالُ وَٱلۡبَنُونَ زِينَةُ ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا‌ۖ وَٱلۡبَـٰقِيَـٰتُ ٱلصَّـٰلِحَـٰتُ خَيۡرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابً۬ا وَخَيۡرٌ أَمَلاً۬))
و عرفنا مما قد زكرنا قبل قليل هناك العلاقة الرابطة القوية بين الايمان و البلاء. و الذين ينجحون في هذا الابتلاء سيكونون من الناجحين في الدنيا و الأخرة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (( أول من يدعى إلى الجنة الذين يحمدون الله في السراء و الضراء)) <الحاكم و قال صحيح على شرط مسلم>>.
و قال الله تعالى: أَحَسِبَ ٱلنَّاسُ أَن يُتۡرَكُوٓاْ أَن يَقُولُوٓاْ ءَامَنَّا وَهُمۡ لَا يُفۡتَنُونَ (  ٢  ) وَلَقَدۡ فَتَنَّا ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ‌ۖ فَلَيَعۡلَمَنَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَلَيَعۡلَمَنَّ ٱلۡكَـٰذِبِينَ (  ٣ )
و قال أيضا: ((إِنَّا جَعَلۡنَا مَا عَلَى ٱلۡأَرۡضِ زِينَةً۬ لَّهَا لِنَبۡلُوَهُمۡ أَيُّہُمۡ أَحۡسَنُ عَمَلاً۬ ))
إذن لا نستطيع أن نقول أنا مسلم حق قبل النجاح من هذا الامتحان.
ماذا فعل المؤمن حينما أصاب ببلاء و بمصيبة؟ و ما خصائص المؤمن في هذا الموقع؟
ولقد عرفنا من القرآن و الأحاديث خصائص المؤمن و صفاته حينما أصابه ببلاء و مصيبة. و منها كما تالي
1. عنده التوكل التام
كما رأينا في قصة رسول الله ابراهيم عليه السلام حينما ألقي في النار. و عن ابن عباس رضي الله عنه قال: ((حسبنا الله و نعم الوكيل قالها إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار....)) و في رواية قال: كان آخر قول إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار: حسبي الله و نعم الوكيل)). فعلى الإنسان أن لا يخاف في الله لومة لائم و أن لا يخاف الا الله.
2. الرجوع الى الله و الاستعانة بالله
و من أحسن الأمثال هو قصة زوج فرعون حينما عرف فرعون بإيمانها فعذبها عذابا شديدا. فماذا فعلت هذه الامرأة الجليلة؟ فدعت الى الله : إِذۡ قَالَتۡ رَبِّ ٱبۡنِ لِى عِندَكَ بَيۡتً۬ا فِى ٱلۡجَنَّةِ وَنَجِّنِى مِن فِرۡعَوۡنَ وَعَمَلِهِۦ وَنَجِّنِى مِنَ ٱلۡقَوۡمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ. و أيضا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : ((إذا استعنت فاستعين بالله )) و كما قررنا في سورة الفاتحة: <<إياك نعبك و إياك نستعين>>. فعلى الانسان إذا أصابه ببلاء أو مصيبة أن يستعين بالله و يرجع الى رب كل شيء ثم جعل الله له مخرجا من كل ضيق
3. المؤمن يستغفر الله و يذكر الله حينما أصاب ببلاء و مصيبة
و عرفنا ذلك من قصص عديدة و منها قصة ذي النون عليه السلام : وَذَا ٱلنُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَـٰضِبً۬ا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقۡدِرَ عَلَيۡهِ فَنَادَىٰ فِى ٱلظُّلُمَـٰتِ أَن لَّآ إِلَـٰهَ إِلَّآ أَنتَ سُبۡحَـٰنَكَ إِنِّى ڪُنتُ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ. و أيض قال نبينا صلى الله عليه و سلم : ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا ومن كل هم فرجا و رزقه من حيث لا يحتسب))<أبو داود>. إذن على الانسان أن يذكر الله كثيرا و يستغفرالله عند مصيبة و بلاء.
4. أن يصبر عند مصيبة و بلاء.
و الصبر حبس النفس على 3 أمور: الأول: طاعة الله, الثاني: عن محارم الله, الثالث: عى أقدار الله المؤلم. و يبتلى الانسان في بدنه و في ماله يفقده و في أهله و في مجتمعه و الخ. المهم أن أنواع البلايا كثيرة جدا و تحتاج الى صبر و معاناة. و الانسان عند حلول المصيبة و البلاء له أربع حالات و هي: (أ) أن يتسخط ؛ (ب) أن يصبر ؛ (ت) أن يرضى ؛ (ث) أن يشكر. فالصبر على المصيبة بأنه يحبس نفسه و هو يكرهها و لا يحبها و لا يحب أن وقعت لكن يصبر نفسه و لا يتحدث باللسان بما أصابه و يفعل بجوارحه ما يغضب الله و لا يكون في فلبه على الله شيئ أبدا, يعني صابر لكنه كاره لها. و أما الثالث هو أن يكون منشرحا صدره بهذه المصيبة و يرضى بها رضاءا تاما و كأنه لم يصب بها و الدرجة الأولى هي أن يشكر الله عليها. و الني صلى الله عليه وسلم إذا رأى ما يكره قال: الحمدلله على كل شيئ. لعلى الله أن يجعلنا من الصابرين و المرضيين و الشاكرين.
والله أعلم
الفقير و المحتاج
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري

أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بين البلاغة في قوله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان: ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك))
و من الحكم و البلاغة بهذا القول : هي الحث على الإخلاص في العبادة و مراقبة العبد ربه تبارك الله تعالىى في إتمام الخشوع و الخضوع و غير ذلك وقد ندب أهل الحقائق الى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم فكيف بمن لا يزال الله تعالى مضطلعا عليه في سره و علانيته.
و الاحسان ضد الإساءة و المراد هنا أيضا هو احسان العمل فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه دليل على الاخلاص لله تعالى و على اتقان العمل في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن كل من عبد الله على هذا الوصف فلا بد أن يقع في قلبه من محبة الله و تعظيمه ما يحمله على اتقان العمل و إحكام العمل.
و قال الشيخ ابن صالح العثيمين في شرحه لرياض الصالحين <باب المراقبة ص.228>: " فإن لم تكن تراه فإنه يراك أي فإن لم تعبد الله على هذا الوصف فاعبده على سبيل المراقبة و الخوف فإنه يراك و معلوم أن عبادة الله على وجه الهرب! فها هنا مرتبتان: (1) المرتبة الأولى:أن تعبد الله كأنك تراه و هذا مرتبة الطلب؛ (2) الثانية : أن تعبده كأنك تعلم أنه يراك وهذه مرتبة الهرب, وكلتاهما مرتبتان عظيمتان لكن الأولى أكمل و أفضل "
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي على هذا الحديث: " وقوله صلى الله عليه وسلم في تفسير الإحسان : ( أن تعبد الله كأنك تراه )يشير إلى أن العبد يعبد الله على هذه الصفة ، وهي استحضار قربه ، وأنه بين يديه كأنه يراه ، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم ، كما جاء في رواية أبي هريرة : ( أن تخشى الله كأنك تراه ) ويوجب – أيضاً – النصح في العبادة ، وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) "

و قيل: إنه تعليل للأول ، فإن العبد إذا أمر بمراقبة الله في العبادة ، واستحضار قربه من عبده ، حتى كأن العبد يراه ، فإنه قد يشق ذلك عليه ، فيستعين على ذلك من أمره ، فإذا حقق هذا المقام ، سهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني ، وهو دوام التحديق بالبصيرة إلى قرب الله من عبده ومعيته ، حتى كأنه يراه.
وقيل : بل هو إشارة إلى أن من شق عليه أن يعبد الله كأنه يراه ، فليعبد الله على أن الله يراه ويطلع عليه ، فليستحي من نظره إليه ، كما قال بعض العارفين : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك.

والله أعلم
الفقير و المحتاج
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري

زيادة الإيمان ونقصانه و الخ

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
<< استعن بالله ثم أجب عما يأتي :
بين مذاهب أهل العلم في زيادة الإيمان ونقصانه؟ وما معنى قول النبي في حديث جبريل " أن تلد الأمة ربتها"؟
وما رأيك فيمن يقول إن الإسلام انتشر بالسيف من خلال قوله ـ صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله " ؟ >>
بين مذاهب أهل العلم في زيادة الإيمان ونقصانه؟
ولقد اختلف العلماء من أهل السنّة في زيادة الإيمان ونقصه إلى ثلاثة آراء رئيسة :
1. أنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص
لأنّه حقيقة في التصديق، فإذا صدّق المرء لم يصحّ أن يكون مكذّبًا
فكلّ واحدٍ إمّا أن يُصدّق أو لا، فإذا صدّق فهو مؤمن، وإذا لم يُصدّق فهو غير مؤمن ولا يُقبل القول بزيادة الإيمان ونقصه.
2. أنّ الإيمان يزيد ولا ينقص
وهؤلاء يقولون "إنّ الله سبحانه ذكر في مواضع من القرآن زيادة الإيمان لكنّه لم يذكر له نقصًا كما قال الله سبحانه: (وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا)، وقوله سبحانه: (وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُم مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـذِهِ إِيمَانًا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ)، وقوله عزّ وجلّ أيضا: (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَّعَ إِيمَانِهِ)، وقوله سبحانه في مكان أخر: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ)، وقوله عزّ وجلّ: (وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا) .
وهذه الآيات تدلّ كلّها على أنّ الإيمان يزيد، ولم يرد فيها ذكر كونه ينقص أم لا، وإذا لم يكن واردًا فالأصل عدم إثباته، وقد استدلّ هؤلاء على عدم جواز القول بنقصان الإيمان بأنّ نقصانه كفر،
وقد روي هذا القول عن الإمام مالك بن أنس رحمه الله تعالى 1.
3. أن الإيمان يزيد وينقص
فقد يكون إيمان المرء كاملاً ثمّ ينقص، أو وقد يكون ناقصًا ثمّ يزديد و يكمل، وهذا قول عامّة العلماء، وهؤلاء قد نظروا إلى أنّ الراجح أنّ الإيمان قول وعمل، فيدخل في التصديق العمل بما صدّقت به
وخلاصة المسألة : أنّ الخلاف يقرُب أن يكون لفظيًّا لا حقيقيًّا، (1) فأكثر الذين قالوا: إنّ الإيمان لا يزيد ولا ينقص، لأنهم قالوا: إنّ حقيقة الإيمان وهي التصديق لا تقبل الزيادة والنقصان، (2) وأكثر الذين قالوا: إنّه يزيد وينقص، لأنهم قالوا: إنه يزيد بالطاعات، وينقص بالمعاصي، لا أنّ التصديق في ذاته يقلّ ويزداد. والله أعلم .
و الراجح ان شآ الله هو القول الجمهور وهو أن الإيمان يزيد وينقص. ولماذا أميل الى هذا القول؟ و الاجابة هي كما تالي:
إيماننا يزيدُ بالطاعات ونقصه يكونُ بالزلاتِ
(أ‌) وعلى هذا ترجم البخاري في كتابه ، فقال في جامعه : ( كتاب الإيمان ؛ باب قولِ النبي صلى الله عليه وسلم : " بني الإسلام على خمس " وهو قول وفعل ، يزيد وينقص ، قال تعالى : { ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم } ، وقال تعالى : { والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم } ، { ويزيد الذين اهتدوا هدى } ، { ويزداد الذين آمنوا إيمانا } ، وقوله تعالى : { وما زادهم إلا إيمانا وتسليما } ) 2
(ب‌) وقال الترمذي رحمه الله : ( باب في استكمال الإيمان والزيادة والنقصان ) وساق فيه حديث عائشة رضي الله عنها ، قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله )) 3
(ت‌) وحديث : (( يا معشر النساء تصدقن ...)) وهو في الصحيحين ، والشاهد منه قوله صلى الله عليه وسلم : (( ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذوي الألباب وذوي الرأي منكن )) 4
(ث‌) وذكر حديث ابي هريرة - وهو في الصحيحين أيضا - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( الإيمان بضع وسبعون باباً ، فأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، وأرفعها قول " لا إله إلا الله " )) وهذا لفظ الترمذي ، وقال : ( حسن صحيح ) ولفظه : (( بضع وستون )) ، ولمسلم رواية : (( بضع وسبعون )) ، لكن قالا " شعبة " بدل " بابا " 5
(ج‌) قال مسلم بن الحجاج رحمه الله تعالى : ( … عن أبي عثمان النهدي عن حنظلة الاسيدي قال - وكان من كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال : لقيني أبو بكر رضي الله عنه فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قال : قلت : نافق حنظلة ، قال : سبحان الله ! ما تقول ؟ ، قال : قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا نراها رأي العين ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم عافسنا الأزواج والأولاد والصّغار ، فنسينا كثيرا ، قال أبو بكر رضي الله عنه : فوالله إنا لنلقي مثل هذا ، فانطلقت أنا وابو بكر حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قلت : نافق حنظلة يا رسول الله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( وما ذاك ؟ )) قلت : يا رسول الله نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا نراها رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( والذي نفسي بيده أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر لصافحتكم الملائكة على فُرشِكم وفي طرقكم ، ولكن يا حنظلة ساعة وساعة )) ثلاث مرات 6 عن حنظلة قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فوعظنا ، فذكر النار ، قال : ثم جئت إلى البيت فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة ، قال : فخرجت فلقيت أبا بكر ، فذكرت ذلك له ، قال : وأنا قد فعلت مثل ما تذكر ، فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : يار سول الله نافق حنظلة ، فقال : (( مه ؟ ! )) ، فحدثته بالحديث ، فقال أبو بكر : وأنا قد فعلت مثل ما فعل ، فقال : (( يا حنظلة ساعة وساعة ، ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق )) . ومن طريق ثالث : ( فذكرنا الجنة والنار .. الحديث ) 6
وما معنى قول النبي في حديث جبريل " أن تلد الأمة ربتها"؟
قد اختلف العلماء في تفسير هذه الجملة " أن تلد الأمة ربتها" الى أقوال كثير و منها بما شرحها فضيلة الشيخ عطية صقر كما يلي :
· قال الأكثرون من العلماء : هو إخبار عن كثرة السرارى - الإماء - وأولادهن. فإن ولدها من سيدها بمنزلة سيدها ، لأن مال الإنسان صائر إلى ولده ، وقد يتصرف فيه فى الحال تصرف المالكين إما بتصريح أبيه له بالإذن ، وإما بما يعلمه بقرينة الحال أو عرف الاستعمال
· وقيل : معناه أن الإماء يلدن الملوك ، فتكون أمة من جملة رعيته ، وهو سيدها وسيد غيرها من رعيته ، وهذا قول إبراهيم الحربى
· وقيل : معناه أنه تفسد أحوال الناس فيكثر بيع أمهات الأولاد فى آخر الزمان - وبيعهن حرام - فيكثر تردادها فى أيدى المشترين حتى يشتريها ابنها ولا يدرى
يقول النووى بعد سرد هذه الأقوال : إن هناك أقوالا أخرى غير ما ذكرناه ، ولكنها أقوال ضعيفة جدًّا أو فاسدة فتركتها
وما رأيك فيمن يقول إن الإسلام انتشر بالسيف من خلال قوله ـ صلى الله عليه وسلم " أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله "
قبل أن نبدأ النقاش في هذا الموضوع لا بد علينا أن نعرف بأن هذا الحديث صحيح معروف كما نجيد في صحيحين 7 . و لقد زعم بعض المسلمين أن القتال فرض و وجب على كل مسلم أن أقاتل الكفار و المشركين على الاطلاق و ليس هاك صلح بين فريقتين الا بالايمان. و ثم في أقصى الناحية الأخرى وجدنا المستشرقين يزعمون أن الاسلام قد انتشر بالسيف أو بالقتال فقط و أن الاسلام لا يعترف الأمن و الصلح و السلام مع الناس من الأديان الأخرى. و هذان القولان ليسا بصحيح.
و المراد بهذا الحديث هو : (1) أن يكون العمل بالظواهر فإذا شهد إنسانا أن لا اله الا الله و أن محمد رسول الله و أقام الصلاة و آتى الزكاة, عصم دمه وماله و حسابه على الله فليس لنا إلا الظاهر ؛ (2) كان إذا أمر أميرا على جيش أو سرية أوصاه بتقوى الله و ذكر الحديث و فيه أنهم إذا أرادوا الجزية فاقبلها و كف عنهم. وعلى هذا فيقاتل الكفار إلى غايتين: إما أن يسلموا و إما أن يعطوا الجزية. و القتال بأمر لأولى الأمر و ليس على شخص واحد أو مجموعة المعيينة أن يبدأ بالقتال ؛ (3) و الكلمة (أمرت) هو دليل على أن النبي صلى الله عليه و سلم عبد مأمور مكلف يؤمر و ينهى سائر الناس و ليس له شيئا من حقوق الربوبية ؛ (4) يقاتل من امتنع عن واحدة من هذه الأربع: من شهادة أن لا اله الا الله و أن محمد رسول الله و أقام الصلاة و آتى الزكاة.
و هذا الحديث ليس بأمر القتال على كل الناس غير المسلمين على الاطلاق بل هناك الأدلة الكثيرة بأن الدعوة الاسلامية ليس بالقتال فحسب. و القتال عنده مكانه و دوره في الدععوة. و هذا النوع من الجهاد عنده وظائف مهمة و منها : (1) الدفاع عن القوات الخارجية الأخري التي تريد أن تهلك نور الاسلام و (2) حماية و عصم و وقاية نفوس المسلم و أموالهم من عدو و خصم و (3) اقامة الشريعة الاسلامية مثل الزكاة كما فعل أبو بكر رضي الله عنه و (4) و يفتح البلاد الأخرى لاقبال الدعوة الاسلامية.
و علينا أن نفهم أن القتال جزء من أسباب انتشار الاسلام الى العالم. و لقد رأينا الاسلام قد انتشر الى كثير من البلاد و المدن بالقتال أحيانا و بدون القتال في كثير من الوقت. و المثال جاء الاسلام الى ماليزيا و اندونيسيا و الصين دون القتال. و أيضا ليس هناك الاجبار لغير المسلم أن يسلم بعد فتح مصر و ما حدثت أي المشكلة بينهم و المسلمين منذ فتح مصر حتى الآن.
و لماذا المستشرقون خاصة النصرنيون يصبغون انتشار الاسلام بدهان السيف و الاجبار؟ لأن كثير من النصرنيون اسلموا فصار عددهم ينقص و لكن ليس هناك من المسلمين خرجوا من الاسلام الا قليل. فلهذا هم يقدمون هذا الوجه من الدعوة الاسلامية دون النظر الى الأسباب الرئيسية لانتشار الاسلام.
إذن أخير الكلام: انتشر الاسلام غالبا ليس بالقتال أو بالسيف ولكن القتال عنده دوره الخاص في الدعوة الاسلامية و لا يجوز أن يقول (1) أن انتشار الاسلام بالسيف و (2) القتال ليس هناك الدور في الدعوة الاسلامية.
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري

1. (السنة للخلال 3/592)
2. (صحيح البخاري 1/45)
3. الترمذي ( ح2612)
4. البخاري2/448
5. الترمذي ح2614-والبخاري1/51- ومسلم ح35
6. مسلم ح 2750
7. البجاري في الايمان (25) ؛ مسلم في الايمان (33,32) ؛ أحمد (2/345,423) ؛ البخاري في الزكاة (1399) ؛ ابن ماجه في الفتن (3927, 3928)
 

حكم الزكاة في مال من لهم أموال وعليهم ديون

A lil busy (actually very not lil) these few weeks....start of semester, work, kids' exams etc....so no new log...but to keep this going, i will just post some of my assignments here.

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
اذكر آراء الفقهاء في حكم الزكاةفي مال من لهم أموال وعليهم ديون تستغرقها أو تستغرق ما تجب فيه الزكاة من هذه الأموال
و قد اختلف العلماء في هذه الى 4 الأقوال الرائسية كما تلي:
القول
من
ذهب الى
1
الثوري و أبو ثور و ابن المبارك و جماعة
لا زكاة في مال هؤلاء المدينين سواء كانت أموالهم حبا أو غيره حتى تخرج منها الديون فإن بقي بعد إخراج الديون ما تجب فيه الزكاة و إلا فلا
2
أبو حنيفة و أصحابه
الدين لا يمنع زكاة الحبوب و يمنع ما سواها. وهو بهذا يؤكد ما سبق أن قاله في مال الصغار أن ما يخرج من الأرض تجب زكاته وما عاداه لا تجب الزكاة فيه
3
مالك
الدين يمنع زكاة الناص أي الظاهر فقط إلا أن يكون له عروض فيها وفاء من دينه فإنه لا يمنع
4
الشافعي و أحمد
مقابل القول الأول وهو أن الدين لا يمنع زكاة أصلا إلا في زكاة التجارة. و قال أحمد: " لا يمنع في الأموال الظاهرة كالمواشي و الحبوب و الثمار"
لماذا هذا الاختلاف؟ لأن هل الزكاة عبادة أو حق مرتب في المال للمساكين؟
فمن رأى أنها حق الفقراء و المساكين ذهب الى لا زكاة في مال من عليه الدين لأن حق صاحب الدين متقدم بالزمان على حق المساكين وهو في الحقيقة مال صاحب الدين لا الذي المال بيده.
و من قال هي عبادة ذهب الى الوجوب في اخراج الزكاة لأن هو شرط التكليف و علامته المقتضية الوجوب على المكلف سواء كان دين أو لم يكن و أيضا فإنه قد تعارض حينئذ: حق لله و حق للآدمي و حق الله أحق أن يقضى و الأشبه بغرض الشرع و أخذ به لقوله صللا الله عليه وسلم : ((تؤخذ من أنيائهم و ترد على فقرائهم)) و المدين ليس بغني.
و قال اشيخ ابن باز في مجموع فتاوى في الجزء الرابع عشر: "يجب على من لديه مال زكوي أن يؤدي زكاته إذا حال عليه الحول ولو كان عليه دين في أصح قولي العلماء؛ لعموم الأدلة الدالة على وجوب الزكاة على من لديه مال تجب فيه الزكاة إذا حال عليه الحول ولو كان عليه دين، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر عماله بأخذ الزكاة ممن عليه زكاة، ولم يأمرهم أن يسألوهم هل عليهم دين أم لا؟ ولو كان الدين يمنع لأمر النبي صلى الله عليه وسلم عماله أن يستفسروا من أهل الزكاة هل عليهم دين. والله ولي التوفيق"
و أميل الى القول الرابع يعني أن الدين لا يمنع زكاة أصلا إلا في زكاة التجارة
والله أعلم
الفقير و المحتاج
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري