Saturday, October 30, 2010

أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله الذي بنعمته تتم الصالحات و أشهد أن لا اله الا الله و حده لا شريك له و أشهد أن محمدا عبده و رسوله ولقد أدي الرسالة و بلغ الأمانة و نصح الأمة و تركها على المحجة البيضاء ليالها كنهارها و السلام على آله و صحبه أجمعين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين
بين البلاغة في قوله صلى الله عليه وسلم عن الإحسان: ((أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك))
و من الحكم و البلاغة بهذا القول : هي الحث على الإخلاص في العبادة و مراقبة العبد ربه تبارك الله تعالىى في إتمام الخشوع و الخضوع و غير ذلك وقد ندب أهل الحقائق الى مجالسة الصالحين ليكون ذلك مانعا من تلبسه بشيء من النقائص احتراما لهم واستحياء منهم فكيف بمن لا يزال الله تعالى مضطلعا عليه في سره و علانيته.
و الاحسان ضد الإساءة و المراد هنا أيضا هو احسان العمل فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الاحسان أن تعبد الله كأنك تراه دليل على الاخلاص لله تعالى و على اتقان العمل في متابعة الرسول صلى الله عليه وسلم لأن كل من عبد الله على هذا الوصف فلا بد أن يقع في قلبه من محبة الله و تعظيمه ما يحمله على اتقان العمل و إحكام العمل.
و قال الشيخ ابن صالح العثيمين في شرحه لرياض الصالحين <باب المراقبة ص.228>: " فإن لم تكن تراه فإنه يراك أي فإن لم تعبد الله على هذا الوصف فاعبده على سبيل المراقبة و الخوف فإنه يراك و معلوم أن عبادة الله على وجه الهرب! فها هنا مرتبتان: (1) المرتبة الأولى:أن تعبد الله كأنك تراه و هذا مرتبة الطلب؛ (2) الثانية : أن تعبده كأنك تعلم أنه يراك وهذه مرتبة الهرب, وكلتاهما مرتبتان عظيمتان لكن الأولى أكمل و أفضل "
وقال الحافظ ابن رجب الحنبلي على هذا الحديث: " وقوله صلى الله عليه وسلم في تفسير الإحسان : ( أن تعبد الله كأنك تراه )يشير إلى أن العبد يعبد الله على هذه الصفة ، وهي استحضار قربه ، وأنه بين يديه كأنه يراه ، وذلك يوجب الخشية والخوف والهيبة والتعظيم ، كما جاء في رواية أبي هريرة : ( أن تخشى الله كأنك تراه ) ويوجب – أيضاً – النصح في العبادة ، وبذل الجهد في تحسينها وإتمامها وإكمالها. وقوله صلى الله عليه وسلم : ( فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) "

و قيل: إنه تعليل للأول ، فإن العبد إذا أمر بمراقبة الله في العبادة ، واستحضار قربه من عبده ، حتى كأن العبد يراه ، فإنه قد يشق ذلك عليه ، فيستعين على ذلك من أمره ، فإذا حقق هذا المقام ، سهل عليه الانتقال إلى المقام الثاني ، وهو دوام التحديق بالبصيرة إلى قرب الله من عبده ومعيته ، حتى كأنه يراه.
وقيل : بل هو إشارة إلى أن من شق عليه أن يعبد الله كأنه يراه ، فليعبد الله على أن الله يراه ويطلع عليه ، فليستحي من نظره إليه ، كما قال بعض العارفين : اتق الله أن يكون أهون الناظرين إليك.

والله أعلم
الفقير و المحتاج
أبو حنظلة محمد زهري بن كثير السنغافوري

No comments:

Post a Comment